الجامع الأقمر بشارع المعز لدين الله (النحاسين)
أثر رقم (33)
منشئ هذا الجامع هو الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله، حيث أقامه بعد توليته الخلافة عام (519هـ/1225م) ، وكان فى موقعه قبل إنشائه دير قديم يسمى دير العظام بالقرب من مواقع القصور الفاطمية على قصبة المعز لدين الله الفاطمى، وقد تعرض هذا الجامع للتجديد على يدى الظاهر بيبرس، وتبعه فى ذلك الأمير يلبغا السالمى فى عهد الظاهر برقوق حيث أعاد دهانه باللازورد و الذهب، كما بنى مئذنة على يمين المدخل، وقد أعيد تجديد الجامع مرة أخرى فى عهد محمد على على يدى سليمان أعا السلحدار عام (1236هـ/1821م).
ويعد الجامع الأقمر أحد مفاخر العمارة الفاطمية، وهو من المساجد المعلقة، فقد كانت تحته حوانيت، وتمثل الواجهة الشمالية الغربية (الغربية) الواجهة الرئيسة لهذا الجامع، وهى مبنية بالحجر، وتعد أحد أجمل الواجهات التى تحفل بالنقوش و الكتابات القرآنية والنصوص التاريخية وذلك بالخط الكوفى، ويتوسط هذه الواجهة كتلة المدخل الرئيس وهى بارزة قليلا عن باقى الواجهة، وبوسط كتلة المدخل دخلة كبيرة يتوجها طاقية مشعة معقودة بعقد مدبب، بداخل هذه الطاقية دائرة كبيرة كتب بها " بسم الله الرحمن الرحيم إنما يريد الله ليذهب عنكم الجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"، ويتوسط هذه الدخلة الكبيرة فتحة باب يعلوها عتب مستقيم من صنجات معشقة.
ويكتنف الدخلة الكبيرة التى تحتوى على فتحة الباب، دخلتان مقرنصتان يتوسط كل منهما دخلة تأخذ هيئة محراب يتوج كل منهما طاقية مشعة، ويعلو كل منهما حنية صغيرة معقودة بحيث يرتكز عقد كل منهما على عمود حلزونى رشيق يرى العلامة حسن عبد الوهاب أن "لعلها أقدم نموذج بمصر"، ويعلو المدخل المئذنة للتأكيد عليه، وهى من بدن مستدير ينتهى بمقرنصات تحمل الشرفة الخشبية، وتنتهى بقبة بصلية، ويكتنف بروز كتلة المدخل دخلتين بواقع واحدة على يمين كتلة المدخل وأخرى على يساره، وكل منهما ذات طاقية مشعة، وقد عولج ركني المبنى الشمالي الغربي عن طريق شطف ينتهي من اعلى بمقرنصات، ومما يؤسف له أن هذه الواجهة النادرة حدث عليها أعتداء وهدم نصفها الأيمن، وحل محله منزل ولكن تم هدمه فيما بعد وأعيد بناء هذا الجزء من الواجهة.
ويعتبر الجامع صغير الحجم، وتخطيطه عبارة عن صحن مكشوف يحيط به أربعة ظلات على غرار التخطيط التقليدى للجوامع، وأكبر هذه الظلات ظلة القبلة، والتى تتكون من ثلاثة أروقة تسير موازية لجدار القبلة، ويتكون كل رواق من خمسة عقود مدببة ترتكز على أعمدة رخامية مستديرة وأكبر هذه الأروقة هو الموازى مباشرة لجدار القبلة ، ويغطيه سقف خشبى فقد زخارفه، بينما يغطى الرواقين الأخرين لظلة القبلة قباب ضحلة ترتكز على مثلثات كروية.
ويتصدر المحراب ظلة القبلة، وقد كسى عقده برخام ملون دقيق تعلوه لوحة تذكارية للعمارة التى أجراها الأمير يلبغا السالمى بالجامع فى عهد السلطان برقوق، وأما عن المنبر فبفحص جوانبه من الداخل تبين وجود حشوات بها صور حيوانات تبلغ حوالى 25 قطعة فاطمية، ولا شك أنها نقلت من مكان أخر واستعملت على ظهرها، وتشير بقايا المنبر أنه كان قيما، كحال صناعة النجارة الدقيقة فى هذا الجامع كما فى معبرة المدخل التى امتازت بالبساطة والجمال، وأيضا فى حشوات الدواليب و معابرها، وتتكون باقى الظلات المحيطة بالصحن ( الشمالية والغربية و الجنوبية)، والتى تمثل المؤخر والمجنبتان من رواق واحد يغطى كل منهم بقباب ضحلة صغيرة، وكانت العقود حول الصحن محاطة بكتابات كوفية بها آيات من القرآن الكريم.
المصادر:
- حسن عبد الوهاب : تاريخ المساجد الاثرية ،ج1 ، الهيئة المصرية للكتاب – القاهرة ، 1994م .
- مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية وإحياء تراث العمارة الأسلامية: اسس التصميم المعماري والتخطيط الحضري في العصور الاسلامية المختلفة بالعاصمة القاهرة، منظمة العواصم والمدن الاسلامية، 1411 هـ / 1990 م .
Post a Comment