المتابعون
Join on this site

كن من متابعي مدونتنا

السلطان أورخان وتوسع الدولة العثمانية

السلطان أورخان وتوسع الدولة العثمانية

         تولى السلطان أورخان غازى حكم الدولة العثمانية خلفا لأبيه عثمان الأول الذى عهد إليه بالحكم قبل وفاته، على الرغم من إنه لم يكن الأكبر سنا، وكان عمر أورخان عند اعتلائه الحكم 43 عاما، وقد كلف أخيه علاء الدين بتولى الشئون المدنية للدولة، وبذلك تخطت الدولة العثمانية الناشئة العادة التركمانية القائمة على تقسيم الأراضى بعد موت الأب، هذه العادة التى أدت إلى تفتيت وحدة دول المغول والإمارات التركمانية المجاورة للدولة العثمانية.

         وكان من أول أعمال أورخان وأهمها هو إنشاء جيش نظامى من المشاة، حيث إن الإمارة العثمانية فى بدايتها كانت تعتمد فى فتوحاتها على الفرسان الإقطاعين والدراويش والمجاهدين، فهؤلاء لايستطيعون تحمل محاصرة المدن والقرى لمدة طويلة، لهذا قرر أورخان إنشاء هذا الجيش النظامى بنصيحة من أحد مستشاريه وهو قرة خليل جندرلى، وأطلق على هذا الجيش اسم "ينى تشرى " أى الجيش الجديد، وحرف هذا الاسم فى الاستعمال التركى الدارج إلى إنكشارى، وأخذه العرب عنهم.

         ويلاحظ أن أورخان قد بدأ أعماله الحربية بنجاح شديد قبل وفاة أبيه عثمان بفتحه لمدينة بورصة دون سفك دما وجعلها مركزا له،  وبعد أن اعتلى أورخان العرش سعى لاستكمال توسيع دولته الصغيرة فى آسيا الصغرى على حساب الدولة البيزنطية، فتطلع لفتح مدينتى نيقية (إزنيق) ونيقومدية، فاستولى فى سبيل ذلك على قلعتى سمندرة وأوبيدوس المحصنتين، وكانتا تحرسان الطريق العسكرى بين نيقومدية والقسطنطينية.

         وقد سعى الإمبراطور البيزنطى أندرونيقوس الثالث فى إيقاف هذا التقدم العثمانى تجاه القسطنطينية، ولإنقاذ نيقية أيضا، فقاد حملة عسكرية بنفسه، وعبر البوسفور، فتصدى له الجيش العثمانى فى بيلكانون على سواحل خليج نيقومدية، ودارت المعركة بين الطرفين وانهزم الجيش البيزنطى، الذى هرب إمبراطوره، وكان هذا الهروب إيذانا باستيلاء العثمانين على باقى أملاك البيزنطين فى آسيا الصغرى، ونتيجة لهذا واصل أورخان تقدمه واستولى على نيقية دون مقاومة، وأصلح شئونها وأعاد لها مجدها القديم فى صناعة الخزف.

         واصل السلطان أورخان تقدمه فى آسيا الصغرى، فأرسل حملة عسكرية بقيادة ابنه سليمان واستولى على المناطق الواقعة شمالى نهر سقاريا، ففتح قلاع كوينيك ومودرنية وتركجى، ولم يتبقى للبيزنطين فى آسيا الصغرى سوى بعض المدن المتفرقة أشهرها نيقومدية وألاشهر وهرقلة، ونتيجة للضغط المزدوج الذى تعرض له الإمبراطور البيزنطى سواء كان من هجمات الصربين فى البلقان أو هجمات قبائل التركمان على ساحل بحر إيجة، فقد قام بعقد معاهدة صلح مع أورخان (733هـ/1333م)، ولكن نتيجة لرغبة أورخان فى التوسع إستولى بعد هذه المعاهدة على نيقومدية (737هـ/1337م).

         وقد قام أورخان بزيادة توسيع أراضيه، فاستغل الخلاف الأسرى الذى نشب فى الإمارة التركمانية قرة سى واستولى عليها، وضم جيشها إلى جيشه، كما كان لهذه الإمارة التركمانية أسطولا صغيرا أصبح ملك الدولة العثمانية، وقد قام سليمان بن أورخان بتطوير هذا الأسطول، وقد كانت إمارة قرة سى اول إمارة تركمانية إسلامية فى الأناضول يضمها العثمانيون إلى أملاكهم، وبذلك أضحى الساحل الجنوبى لبحر مرمرة عثمانيا، وغدا العثمانيون يتحكمون فى مضيق الدردنيل، وأصبحوا أقوى الإمارات التركمانية فى المنطقة.

         وقد طمح السلطان أورخان لبعيد حيث حاول فتح مدينة القسطنطينية عام (737هـ/1337م )، ولكنه هزم أمام البيزنطين حيث إن  هذا كان لايزال مبكرا، ولكن حدثت ظروف ساعدت أورخان للعبور بجيشه إلى أوربا حيث طلب منه الإمبراطور البيزنطى يوحنا السادس مساعدته لإيقاف التقدم الصربين تجاه القسطنطينية، وبالفعل لبى أورخان طلب الإمبراطور البيزنطى، ونجحت القوات العثمانية فى هزيمة الصربين فى موقعة إيميثيون، وإعادة سالونيك لحظيرة الدولة البيزنطية، ونتيجة لهذا منحه يوحنا السادس قلعة جنك، وهكذا نجحت الدولة العثمانية للمرة الأولى فى الحصول على أراضى داخل أوروبا بصورة رسمية وشرعية، وذلك بعد 50 عاما من محاولات الإمارات التركمانية فى الإغارة على الأراضى الأوروبية.

         واصل أورخان نجاحاته الحربية ففتح مدينة غاليبولى على شاطئ الدردنيل وهى ذات أهمية اقتصادية كبيرة، كما فتح عدة قلاع فى المنطقة منها أبسالا ورودستو، فاشتد بذلك الضغط العثمانى على القسطنطينية، الذين استولوا أيضا على أقليم تراقيا، ولكن وسط كل هذه النجاحات توقف التقدم العثمانى فى عهد السلطان أورخان بعد اصطدام ابنه سليمان ببعض الأشجار وموته بسبب ذلك، حيث إن سليمان كان الأقدر على استكمال الفتح بين أبناء أورخان، الذى مات من شدة الحزن على ابنه (761هـ/1360م).

         وتكمن أهمية أورخان فى توسيعه الكبير لحدود الدولة العثمانية حيث إنه ضاعف أراضيها ست مرات عن ما ورثه من أبيه عثمان، حتى إن البعض يعد السلطان أورخان هو المؤسس الحقيقى للدولة العثمانية.

المصادر:

- أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية ؛ ترجمة عدنان محمود سلمان ؛الجزء الأول ، مؤسسة فيصل للتمويل، تركيا ،استانبول 1988م
-
أحمد أق كوندز وسعيد أوزتورك: الدولة العثمانية المجهولة 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية،وقف البحوث العثمانية، 2008م
-
محمد سهيل طقوش: تاريخ العثمانين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة ، الطبعة الثالثة ، دار النفائس،بيروت 1434هـ/2013م.





 
 .الصور من موقع ويكيبيديا

 

شارك الموضوع
Comments
AdSpace768x90
AdSpace768x90
AdSpace768x90