المتابعون
Join on this site

كن من متابعي مدونتنا

السلطان مراد الأول وتوسع الدولة العثمانية

 

السلطان مراد الأول وتوسع الدولة العثمانية

             ظهر مراد على الساحة السياسية بعد وفاة أخاه سليمان، حيث تولى قيادة الوحدات العسكرية العثمانية على الساحة الأوربية فى نهاية حكم أبيه السلطان أورخان، وبعد وفاة الأخير تمت البيعة لمراد ليتولى حكم الدولة العثمانية، وكانت سياسة مراد فى توسيع مساحة  دولته تعتمد على شقين، الشق الأول هو التوسع على حساب الإمارات التركمانية فى الأناضول، والشق الثانى التوسع على حساب أملاك الدولة البيزنطية فى أوروبا.

التوسع على حساب الإمارات التركمانية فى الأناضول :

             كانت الإمارات التركمانية على قدر كبير من الضعف باستثناء إمارة القرمانيين، فوجه مراد الأول ضربات قاسية لأميرها علاء الدين نتج عنها سيطرته على أنقرة عاصمة القرمانيين، بالأضافة إلى بعض القلاع و الحصون ما  دفع الأمير القرمانى لعثد الصلح مع العثمانيين للحفاظ على باقى إمارته، وأما بالنسبة لباقى الإمارات التركمانية فسعى مراد لضمها إليه شيئا فشيئا حيث تحالف مع أمير كرميان الذى زوج ابنته للأمير بايزيد بن مراد، وأهدى العثمانيين مدينة كوتاهية وعدة مدن منها إزمير، وقام مراد الأول بشراء نصف أراضى إمارة حميد بثمن زهيد هذه الإمارة التى ستعترف بعد قليل بالسيادة العثمانية، ثم سيتبعها فى ذلك أمير أماسيا، وعلى هذا رأى مراد ألا يضيع وقته فى الأناضول حيث إن التوسع على حساب البيزنطين فى البلقان سيدفع باقى الإمارات التركمانية إلى الخضوع للدولة العثمانية دون حرب.

التوسع فى أوروبا:

             كانت الظروف فى البلقان التى تخضع للدولة البيزنطية فى صالح الدولة العثمانية حيث إن الدولة البيزنطية فى حالة من الضعف ومنشغلة بصراعتها السياسية مما شجع البلغار أن يستعيدوا استقلالهم، وتبعهم فى ذلك الصربيين، ونتيجة لهذه الظروف خشى البنادقة من اندفاع العثمانيين فى اتجاه البلقان فحاولوا إيقافهم، فأنزلوا عشرين ألف جندى فى الروملى ولكنهم هزموا على أيدى العثمانيين الذين تابعوا تقدمهم فى إقليم تراقيا واستولوا على مدينة أدرنة، وعلى الرغم من استعادة الإمبراطور البيزنطى للمدينة بعد ذلك إلا أن مراد الأول نجح فى فتحها نهائيا أخيرا عام (767هـ/1366م)، وجعلها عاصمة دواته، نظرا لما  لموقع هذه المدينة من أهمية عظيمة من حيث كونها القلعة الرئيسة بين القسطنطينية و الدانوب، كما تؤمن وسيلة التوسع نحو الشمال.

             ونتيجة لهذا التقدم العثمانى انطلقت الدعوة لحرب صليبية لكن دون جدوى فتابع السلطان مراد الأول تقدمه، ففتح مدينة فيليبوليس عاصمة الرملى الشرقية جنوب الشرق أدرنة وسيطروا على وادى ماريتزا الذى يزود القسطنطينية بالأرز والحبوب، مما أدى إلى عزل بلغاريا عن الممتلكات البيزنطية، وتاخمت الدولة العثمانية إمارات الصرب وألبانيا.

             وقد قام الصرب نتيجة لهذا بعمل تحالف ضد العثمانيين أشتركوا فيه مع امراء البوسنة والأفلاق، وبعدد من فرسان المجر، وساروا بأتجاه مدينة أدرنة، ولكن استطاع العثمانين هزيمتهم عند نهر شيرمن عند نهر ماريتزا عام (773هـ/1371م)، وقد عرفت هذه المعركة فى المصادر التركية باسم " الطريق إلى الصرب " لأنها اتاحت للعثمانيين قتح مقدونيا وانتزاعها من أيدى الصربيين.

             ويلاحظ أن السلطان مراد الأول اعتمد على سياسة أخرى فى توسيع أراضيه حيث استغل الصراعات على العرش البيزنطى فى صالحه، فمرة يساعد أحد المتنافسين على العرش مثلما ساعد يوحنا الخامس الذى أهدى  هذا الأخير السلطان مراد مدينة فيلادلفيا أخر الممتلكات البيزنطية فى الأناضول، ومرة أخرى نجده يساهم فى تفتيت وحدة الدولة البيزنطية من خلال مساعدة أحد المتنافسين على السلطة على الأخر مثلما جعل مدينة سالونيك تحكم حكما مستقلا من قبل مانويل أحد المتنافسين على العرش، فهاجم مراد سالونيك (اليونان) هذه وفتحها عام (789هـ/1387م)، وتبع ذلك إجبار أمراء تساليا بالاعتراف بسلطة العثمانيين الذين أصبحت أملاكهم تتاخم أملاك حاكم أثينا.

             واستمر السلطان مراد الأول فى أعمال الفتح فى البلقان فاستولى على مدن كثيرة أهمها مدينة صوفيا (عاصمة بلغاريا حاليا)، وتورنوقو وشومن فى الجانب الشرقى من بلغاريا، ومدينة نيش الاستراتيجية، وإزاء هذا التوسع العثمانى حدث تحالف جديد بين الصرب والبلغار وأمير البوسنة، وحدثت معارك عدة مع قوة التحالف ضد العثمانيين وكانت نهاية هذه المعارك انتصار العثمانيين فى معركة كوسوفو (791هـ/1389م)، ولكن حدث بعد هذه المعركة أن قام السلطان مراد بتفقد الجرحى والقتلى فقام أحد الجنود الصربين بطعنه فاستشهد على إثر ذلك مراد الأول وعهد قبل وفاته بالسلطة لابنه بايزيد.

             يعد عهد السلطان مراد الأول مرحلة انتقال فى تاريخ الدولة العثمانية التى زادت مساحتها فى عهده خمس مرات ما كانت عليه عند توليه الحكم كما زاد عدد سكانها، فانتقلت بذلك الإمارة العثمانية الناشئة إلى طور الدولة.

المصادر:
-
أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية ؛ ترجمة عدنان محمود سلمان ؛الجزء الأول ، مؤسسة فيصل للتمويل، تركيا ،استانبول 1988م
-
أحمد أق كوندز وسعيد أوزتورك: الدولة العثمانية المجهولة 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية،وقف البحوث العثمانية، 2008م
-
محمد سهيل طقوش: تاريخ العثمانين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة ، الطبعة الثالثة ، دار النفائس،بيروت 1434هـ/2013م.








 .الصور من موقع ويكيبيديا
شارك الموضوع
Comments
AdSpace768x90
AdSpace768x90
AdSpace768x90