السلطان بايزيد الأول (791-805هـ/1389-1403م)
الجزء الأول " توسع الدولة العثمانية"
تولى السلطان بايزيد الأول عرش الدولة العثمانية بعد استشهاد والده السلطان مراد الأول فى أعقاب موقعة كوسفو، وقد اتسم بايزيد الأول بقوة شخصيته، والذكاء، والشجاعة، ولكنه على الرغم من ذلك كان لا يستمع لأراء الأخرين فافتقد لحكمة والده، وهو ماسيكون له أكبر الأثر بعد ذلك حياته- كما سنرى-، وقد اتبع بايزيد الأول سياسة والده وأجداده فى توسيع حدود الدولة العثمانية سواء على حساب الإمارات التركمانية فى الأناضول، وكذلك على حساب ما تبقى من أملاك الدولة البيزنطية.
توحيد بايزيد الأول الأناضول :
كانت سياسة مراد الأول فى التوسع على حساب الإمارات التركمانية تقوم على إبقاء هذه الإمارات فى أيدى حكامها بعد فتحها على أن تكون تبعيتها للدوبة العثمانية، ولكن عند اعتلاء السلطان بايزيد الأول الحكم قامت الإمارات التركمانية بإعلان استقلالها عن الدولة العثمانية وكان هذا بتشجيع من الأمير علاء الدين حاكم الإمارة القرمانية، ولكن قام السلطان بايزيد الأول بقمع هذا التمرد وفى هذه الأثناء حدث تطور فى الجبهة الأناضولية ضد الدولة العثمانية، حيث ثار سليمان الجندرلي أمير قسطموني على الدولة العثمانية وضم إليه عدد من الإمارات التركمانية، وردا على ذلك هاجم بايزيد إمارات البحر الأسود، فضم إمارة قسطمونى وسيواس وأخضع جميع الأمراء الصغار بالمنطقة، وعمل على تأديب علاء الدين حاكم إمارة قرمان فاستولى على ما تبقى من أراضيه فزالت الإمارة القرمانية من الوجود، و بذلك أصبح العثمانيون يسيطرون على مجمل الأناضول، فحقق بايزيد الأول وحدة الأناضول التركى.
التوسع فى أوروبا :
وأما بالنسبة للجبهة البيزنطية فقد تابع بايزيد الأول سياسة أبيه القائمة على التدخل فى النزاعات العائلية بين أسرة باليولوغوس، وذلك بهدف تبديل الأوضاع الداخلية فى القسطنطينية تمهيدا لفتحها، وظل بايزيد يتحين الفرصة المناسبة لمهاجمة المدينة وقام بمحاصرة القسطنطينية ولم يفك الحصار إلا عندما قبل الإمبراطور مانويل الثانى بعدة شروط مجحفة من السلطان بايزيد الأول.
وعلى الجبهة البلغارية كان البلغاريون يظنون أنهم أصبحوا ورثة الأمبراطورية البيزنطية لذلك أصبح الصراع بينهم وبين العثمانيون حتميا، ونتيجة لتحالف المجر مع البلغار ضد الدولة العثمانية هاجم السلطان بايزيد الأول العاصمة البلغارية تيرنوفو وفتحها عام ( 795هـ/1393م)، وأخضع بلغاريا الدانوبية، وأصبحت بلغاريا ولاية عثمانية.
معركة نيقوبوليس :
أدرك البابا بونيفاس التاسع (791-807هـ/1389-1404م) الخطر العثمانى الإسلامى المندفع إلى قلب أوروبا لذا دعى إلى حرب صليبية اشترك فيها كثير من الدول الأوروبية أهمهم البندقية، وفرنسا، والنمسا وامراء من بافاريا وفرسان القديس يوحنا وقدمت إنجلترا عدد من المساعدات العسكرية، ووصل عدد هذه الحملة إلى 130 ألف جندى.
وعندما علم بايزيد بهذه الحملة سار إليها بجيش كثيف، وانضم إليه أمراء النصارى الخاضعين للدولة العثمانية، وعندما ضيق بايزيد الحصار على الحملة أرادوا الفرار عن طريق بحر الدانوب، لكنهم فوجئوا بالقوات العثمانية فغرق ومات منهم مائة ألف، ووقع عشرة آلاف أسرى.
بعد هذه المعركة سيطر العثمانيون على كامل بلغاريا، كما اكتسبت الدولة العثمانية الصبغة الشرعية حيث نجد الخليفة العباسى فى القاهرة يطلق على بايزيد لقب "سلطان الروم" بمباركة من السلطان المملوكى.
حصار القسطنطينية للمرة الثانية :
عقب موقعة نيقوبوليس عاودت بايزيد الرغبة مرة أخرى لفتح القسطنطينية فحاصرها، ولكن حتى ذلك الوقت لم يكن لدى العثمانيين إمكانيات الانتصار على التحصينات القوية للعاصمة البيزنطية، ولكن هنا حدث أمرا شديد الأهمية جعل بايزيد يفك الحصار عن القسطنطينية وهو اقتراب الخطر المغولى بقيادة تيمور لنك مما أدى إلى تأخر فتح القسطنطينية لمدة نصف قرن.
المصادر:
- أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية ؛ ترجمة عدنان
محمود سلمان ؛الجزء الأول ، مؤسسة فيصل للتمويل، تركيا ،استانبول 1988م
- أحمد أق كوندز وسعيد أوزتورك: الدولة العثمانية
المجهولة 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة
العثمانية،وقف البحوث العثمانية، 2008م
- محمد سهيل طقوش: تاريخ العثمانين من قيام الدولة إلى
الانقلاب على الخلافة ، الطبعة الثالثة ، دار النفائس،بيروت 1434هـ/2013م.
Post a Comment