جامع الزيتونة بتونس
الموقع :
يقع هذا الجامع بالقرب من مدينة قرطاجنه القديمة شمال أفريقية حيث شيدت مدينة تونس كبديل لتلك المدينة لتكون قاعدة بحرية عربية تساعد القاعدة البرية فى القيروان، وقد سمى بجامع الزيتونة لأن الفاتحين وجدوا فى مكان الجامع شجرة زيتون استانسوا بها وقالوا أنها تونس الخضراء ..
موضوعات ذات صلة:
اختلف المؤرخون حول بانى المسجد أو مؤسسة الأول والراجح أنه من بناء منشىء مدينة تونس حسان بن النعمان سنة 79هـ/ 698م ثم قام والى أفريقيا عبدالله بن الحبحاب بتجديده أو أعادة بناءه فى سنة 117هـ/732م .
وقد كان جامع الزيتونة محور عناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على ولاية أفريقية وحظى أمراء الاغالبه بالنصيب الأكبر من التحسينات والتجديدات التى أجريت على هذا الجامع.
النظام التخطيطى للجامع :
أثرت طبيعية الموقع على الشكل غير المنتظم لجامع الزيتونة الذى يتخذ شكل مستطيل غير منتظم الإضلاع ويغطى مساحة من الأرض تبلغ حوالى 4636 م (76 × 61م) .
بيت الصلاة :
يحتوى على 15 رواق عمودى على جدار القبلة يقطعها 7 (سبعة) أساكيب أو بلاطات موازية لهذا الجدار بحيث تسير عقود المسجد الحدوية فى اتجاهين فهى متعامدة على جدار القبلة من جهة وموازية له من جهة أخرى واعرض البلاطات السبع تلك التى تمتد بموازيه جدار القبلة كما أن الرواق العمودى على جدار القبلة أوسع من بقية الأروقة وبذلك فإن الرواق العمودى على جدار القبلة والبلاطة الموازية له أكثر اتساعا من بقية الاروقة .
وقد نتج عن ذلك التخطيط المتعارف عليه بشكل حرف T أقيمت عليه القبة التى تتقدم المحراب الذى ينتصف جدار .
وبذلك فإن تصميم بيت الصلاة بجامع الزيتونة يبدو متأثرا بجامع القيروان الذى ظل أنموذجا أحتذته بيوت الصلاة فى الكثير من المساجد سواء فى فى بلاد المغرب الأفريقى.
صحن المسجد :
بشغل صحن المسجد شكل مستطيل غير منتظم أكثر أضلاعه طولا فى الجهة الشمالية، ويبلغ 52م وأقلها طولا فى الجهة الشرقية ويبلغ 37م ولم يكن للصحن مجنبات وأن كنا نلاحظ بأن الرواق السابع من الأروقة العمودية على جدار القبلة من الجهتين الشرقية والغربية لبيت الصلاة يمتد كل منهما خارج بيت الصلاة بحيث يكون كل منهما شكل رواقين يقوم كل منهما مقام السقيفة بالنسبة للمدخل الشرقى الرئيسى والباب الغربى فى الجهة المقابلة وفى نفس الوقت بمثابة مجنبتين صغيرتين بالنسبة للصحن تميزا بصغر حجمهما .
وعلى ذلك فربما كان للصحن مجنبات وإن كانت هذه المجنبات صغيرة وغير واضحة ولا تقارن بنظائرها فى مساجد أفريقيا على عهد الاغالبه لاسيما جامع القيروان وصفاقص . ويحتوى صحن الجامع الفسيح على مزولة شمسيه تعود إلى القرن 7هـ/13م .
القبـــاب :
لهذا المسجد قبتان أحداهما أمام المحراب من عصر الاغالبه 250هـ/864م والأخرى عند مدخل المجاز المطل على الصحن ولذا عرفت بقبة البهو وترجع إلى الفترة الصنهاجية وفق النص الكتابى المسجل حول قاعدة القبة والذى أختفى منه اسم صاحب القبة .
المحراب :
يتوسط المحراب صدر الجامع وهو عبارة عن حنيه نصف دائرية يتوجها طاقية معقودة بعقد حدوى متجاور يشبه حدوه الفرس، وقد كسى المحراب بلوحة رخامية تزدان بزخارف
ويلاحظ وجود انحراف فى اتجاه القبلة كما هو الحال بالنسبة لجامع القيروان وغيره من الجوامع غير أن الانحراف هنا بدأ أكثر وضوحا من بقيه المساجد الأخرى.
وربما يمكن تفسير ذلك بأن الاغالبه عندما أعادوا بناء الجامع لم يحاولوا تغير اتجاه القبلة رغم علمهم بانحرافها الكبير عن اتجاه القبلة لأن أى تغير كان من شأنه أحداث تعديلات كبير فى طبيعة البناء الأصلى .
وربما فكر الحفصيون فى تصحيح اتجاه القبلة ولكنهم فضلوا فى النهاية الاحتفاظ بالاتجاه القديمة مما أضفى على المحراب شىء من القداسة.
المئذنة :
لا يوجد أى دليل أثرى أو تاريخى يشير بأنه كان لمسجد الزيتونة مئذنة قبل العهد الحفصى، وفى تعليل ذلك اختلفت أراء الباحثين فمنهم من يرى بأن المئذنة لم تكن من العناصر الأساسية فى مساجد الإسلام الأولى لاسيما فى بلاد المغرب إذ لا يوجد بجامع سوسه والمهدية والزيتونة وصفاقس مئذنة ومنهم من يرى بأن خلو جامع تونس من عنصر المئذنة جاء اقتداء بالمسجد النبوى بالمدينة الذى لم يكن به عند بداية تأسيسه مئذنة وعلى ذلك فقد خلت بعض مساجد المغرب التى سبق الإشارة إليها من المآذن .
وهناك رأى ثالث يعلل استغناء جامع الزيتونة عن المئذنة بوجود برجين بجدران الجامع للمراقية أحدهما فى الركن الشمالى الشرقى والآخر فى الركن الجنوبى الغربى مما جعل الذين شيدوا الجامع يستغنون عن إقامة المئذنة التى تعد من العناصر الهامة بكل المساجد الجامعة وأن الآذان كان يتم من فوق أحد هذين البرجين وبالتالى لا توجد حاجة لبناء مئذنة .
وعلى أية حال فإن أول مئذنة فيما يبدو قد تم بناؤها بالجامع خلال العهد الحفصى
مئذنة الجامع الحالية:
والمئذنة الحالية أمر ببنائها حاكم تونس البارى على باشا بعد أن هدم المئذنة القديمة وأعاد بناؤها بارتفاع 43م بعد أن كانت من قبل لا تزيد عن 30م وتقوم هذه المئذنة أعلى الركن الشمالى الغربى للجامع
العقود والأعمدة والتيجان :
من الواضح أن بناه الجامع لم يحتاجوا إلى صنع الأعمدة وتيجانها التى ترتكز عليها سقوف المسجد لأن المواقع الرومانية والبيزنطية كان تزخر بها لهذا تم جلبها لاسيما من قرطاجنة العاصمة القديمة وأعيد استخدامها بالجامع بحيث يبدو بيت الصلاة وكأنه متحف لتيجان الأعمدة البالغ عددها 180 تاج .
وإلى جانب التيجان غير الإسلامية يوجد بالجامع عدد من التيجان الإسلامية
ويلاحظ فى عقود الجامع أنها مشيده بالحجر ومن النوع الحدوى مثل عقود جامع القيروان وتزدان بنيقتى (كوشتى) كل عقد بزخارف
سقف المسجد :
سقف الجامع الأصلى كان من الخشب النقى وهو سقف مسطح ذى
براطيم وقد تم إزالة هذا السقف وتجديده عدة مرات بعد عصر الأغالبة وقد ازدان بنقوش متعددة .
المسجد من الخارج :
جدران الجامع كلها مبنيه بالحجر الجيرى المصقول ارتفاعها يصل إلى مما يقرب من 9م وسمكها 1.20م ولا يوجد بها من الخارج دعائم مثل جامع القيرون .
الأبواب :
أبواب جامع الزيتونة تفتح كلها على الصحن فيماعدا باب الإمام الذى يفتح على يسار المحراب وعدد هذه الأبواب ستة ، ثلاثة منها فى الواجهة الغربية وباب فى الوجهة الشرقية وبابين فى الواجهة الشمالية بالإضافة إلى باب المحراب .
المنبــر :
فى جامع الزيتونة منبر خشبى يعود صنعة إلى عام 250هـ/ 864م أى إلى العهد الأغلب وهو قريب الشبه بمنبر جامع القيروان وأن كان أصغر منه
وهذا المنبر من النوع المتحرك حيث كان يجرى على عجل ليحفظ فى غرفة صغيرة على يمين المحراب تعرف باسم بيت المنبر ولقدم هذا المنبر وجمال زخارفه يعتقد بعض العامة من أهل تونس أن الدعاء بين حافتيه مستجاب .
كما أن مسجد الزيتونة قد تميز بمنشاته المائية التى كانت تؤمن الماء الصالح لشرب سكان مدينة تونس بصفة عامة وخاصة المواجل المبنية تحت سطح الجامع فى قسمة الشرقى .
المصادر:
- أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز(البكري) : المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب، مكتبة المثنى،, 1964م
Marçais, G., L'architecture musulmane d'Occident, Paris, 1954
- كمال عناني إسماعيل: الآثار الإسلامية في المغرب،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر،2016م
Post a Comment