المتابعون
Join on this site

كن من متابعي مدونتنا

ضريح أبي الدرداء

ضريح أبي الدرداء

بشارع أبي الدرداء بالاسكندرية

 

 هو الصحابي الجليل عمر بن عبد الله ، على الراجح ، وكنيته ( أبو الدرداء ) واسم زوجته أم الدرداء ، فقد كانت لهما ابنة جميلة سمياها ( درداء ) فعرفا بها ، ويكفى هذا الصحابى شرفا أن نزلت فيه بعض آيات القرآن الكريم وسأل النبي المولى العلي القدير أن يشد أزر الإسلام والمسلمين بإسلام أبي الدرداء ، فقد كان أمة في رجل .

 

موضوعات ذات صلة

  جامع النبي دانيال

المرسى أبو العباس 


روى عن الرسول صلى وسلم أنه قال : ( أن الله وعدني إسلام أبي الدرداء ، قال فأسلم . أن رجلا قال لأبي الدرداء  يا معشر القراء ، ما بالكم اجبن منا ، وأبخل إذا سئلتم ، وأعظم لقما إذا أكلتم و . وكان الرجل سفيها في قوله ، ولكن أبا الدرداء وقد تخلق بخلق الإسلام ، كان حلبا فأعرض ظنه . وبلغت هذه الحادثة عمر ابن الخطاب فقال الرجل السفيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فحاول الرجل أن يعتذر بأنه كان يمزح ولا يعني ما يقول ، وقال : إنا كنا نخوض ونلعب . فنزلت على النبي صلوات الله عليه هذه الآية الكريمة ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب.

 

كان أبو الدرداء في جاهليته يعمل في التجارة ، فلما اسلام ترکها وتفرغ لنشر الدعوة والعبادة وفي ذلك يقول أبو الدرداء : كنت تاجرا قبل البعث ، فلما جاء الإسلام جمعت التجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، فتركت التجارة ولزمت العبادة ، كما قال : والذي نفس أبي الدرداء بيده ما أحب أن يكون إلى اليوم حانوتا على باب المسجد ، لا تخطئني فيه الصلاة اربح فيه كل يوم أربعين دينارا ، وأتصدق بها في سبيل الله ، فقيل له : يا أبا الدرداء وما تكره من ذلك قال : شدة الحساب  .

 

 

وكان الرسول صلوات الله عليه قد آخى بينه وبين سلمان الفارسي ومنذ تمت هذه المؤاخاة والرجلان تربط بينهما روابط الود الوثيقة ، فقد روى أن سلمان ذهب يوما ليعود أخاه أبا الدرداء ، فوجد أم الدرداء كئيبة مهملة ، قالت : أن أخاك أبا الدرداء يقوم الليل ويصوم النهار ، وليس له في شي من الدنيا حاجة وثم جاء أبوالدرداء ورحب بضيفه وأخيه سلمان ، ثم بات عنده سلمان ، فلما كان الليل أراد أبو الدرداء أن يقوم للصلاة والعبادة فمنعه سلمان ، وقال : أن لربك ، عزوجل ، عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا ، أعط كل ذي حق حقه وأفطر ، وقم ونم وأنت أهلك ..

 

ويقول ابن الأثير في وصف أبي الدرداء : كان أبو الدرداء أقني أشهل ، يخضب بالصفرة ، عليه قلنسوة وعمامة قد طرحها بين كتفيه تزوج أبو الدرداء مرتين ، و كانت زوجته الأولى صحابية اسمها ( خيرة ) و كانت الثانية تابعية واسمها ( هجيمة ) . ولما توفيت الأولى تزوج الثانية . وقد أنجبت له زوجته الثانية ( هجيمة ) ابنة جميلة سمياها الدرداء تكنى باسمها أبوها ، أبو الدرداء وأم الدرداء ، ثم رزقا بعد ذلك بابن أصغر منها سمیاه بلالا .

 

 

وتجمع المراجع على وصف ام الدرداء بالفقه والعقل والفهم والزهد والحسن والجمال ، وقد روت الخليث عن زوجها وعن أبي هريرة ، وكانت وفية لزوجها في الحياة وبعد الممات ، روی آنها قالت : اللهم ان أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا ، اللهم فأنا أخطبه إليك

أن تزوجنبه في الجنة . فقال لهما أبو الدرداء : فإن أردت ذلك فكنت أنا الأول ، فلا تتزوجی بعدی . وقد وفت أم الدرداء بالوعد اللي قطعته على نفسها فلم تتزوج بعد وفاته رغم سنها وحسنها وجمالها الفائق وفي ذلك يقول أبو نعيم : فمات أبو الدرداء وكان لها جمال وحسن ، فخطبها معاوية بن أبي سفيان ، فقالت : لا والله ، لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة .

 

 ولقد ظل أبو الدرداء طبل حياته يعيش حياة الزهد والتقشف التي ارتضاها لنفسه منذ إسلامه ، فبرغم المراكز الكبرى التي وليها وإقبال الدنيا عليه فقد ظل كما هو لم يتغير او بتبدل . ومما يؤثر عنه في هذا المجال ، أن يزيد بن معاوية خطب إليه ابنته الدرداء ، ولكنه رفض وخطبها اليه بعده رجل من عامة الناس فقبل خطبته . ولما شاع هذا الخبر بين الناس وصاروا يتناقلونه فيا بينهم ، اضطر أبو الدرداء أن يفصح عن الأسباب التي دفعته إلى رفض يزيد وقبول الخاطب الفقير ، فقال : إنى نظرت للدرداء ، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان ، ونظرت في بيوت يلتمع فيها ، این دینها منها يومئذ .

ولم يقصر ابو الدرداء دعوته إلى الزهد والتقشف والبعد عن بهرج الدنيا وزخرفها على أهله الأقربين ، بل أرسلها للجميع ، إلى أهل دمشق الذين أحبهم وأحب مدينتهم ، فمن أقواله المأثورة لأهل دمشق : يا معشر أهل دمشق ، ألا تستحون ، تجمعون مالاتأكلون ، وتبنون مالا تسكنون ، وتأهلون مالا تبتغون ، فقد كان القرون من قبلكم يجمعون في عون ، ويأملون فيطيلون ، ويبنون فيوثقون ، فأصبح جمعهم بورا وأملهم غرورا وبيوتهم قبورا ، هذه عاد قد ملأت ما بين عدن إلى عمان أموالا وأولادا ، فمن يشتري مني تركة أهل عاد بدرهمين • وكان أبو الدرداء يحث على السعي والعمل ويضعه في مرتبة العبادة ، فقد كان يقول الله عنه ، تفكر ساعة خير من قيام أربعين ليلة .. كما يقول و مثقال ذرة من بر مع تقوی ويقين أفضل وأعظم وأرجح من أمثال الجبال من عبادة المقربين

 

جاء في أسد الغابة أن أبا الدرداء تأخر إسلامه ، فلم يشهد بدرا وشهد أحدا وما بعدها رسول ، وقيل ، إنه لم يشهد أحدا وأول مشاهده الخندق . ويعلق على ذلك الشيال  فيقول : ولعل السبب الذي دفع أبا الدرداء إلى التمهل في اعتناق الإسلام أنه كان يدرس أصول الدين الجديد ، ويفكر في تعاليمه ليسلم عن إيمان واقتناع ، خاصة وأنه خزرجيا احدى القبيلتين الكبيرتين اللتين كانت لهما الزعامة والسيطرة في المدينة ويؤيد ما ذهب إليه الشيال في تعليقه ، ما اتصف به أبو الدرداء من الفضل والعلم والتفقه في الدين وإلمامه بدقائقه وخشيته له وإيثاره للحق والعدل

 

 فقد روى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : عومر حكيم أمني . وقال ابن عمر : حدثونا عن العاقلين ، فقيل : من العاقلان ، قال معاذ وأبو الدرداء . ولما حضرت سعد ابن معاذ الوفاة أوصى أصحابه بقوله و التمسوا العلم أربعة ، أبي الدرداء ، وسلمان ، وابن مسعود ، وعبد الله بن سلام .

 

وكانت هذه الصفات التي اتصف بها أبو الدرداء ، سببا في اختيار عمر بن الخطاب له قاضيا على المدينة في خلافته ، فقد قال عنه مالك عن يحيى بن سعيد : وكان أبوالدرداء اذا قضی بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما فقال : أرجعا إلى أعيدا على قضيتكما .

 

كما روى عنه أنه قال : وليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك ، وأن تبارى الناس في عبادة الله عز وجل ، فإن أحسنت حمدت الله تعالى ، وأن أسأت استغفرت الله عز وجل .

 

 وإلى جانب ذلك كله فقد كان أبو الدرداء واحدا من خمسة من الأنصار الذين توافروا على جمع القرآن ، قال ابن سعد في طبقاته ( جمع القرآن في زمان الرسول صلى عليه وسلم خمسة من الأنصار : معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت أبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء ) .

 

كذلك شارك أبو الدرداء مشاركة فعالة في الفتوح الإسلامية لنشر الدعوة المحمدية فقد ارسله الخليفة عمر بن الخطاب في أواخر السنة الخامسة عشرة أو أوائل السادسة عشرة للهجرة جماعة من المتفقهين في الدين ليعلموا الناس القرآن ، وبقي بدمشق يعلم الناس ويفقههم في الدين والقرآن حتى سنة ۱۷ هـ .

 

 ولما خرج عمرو بن العاص لفتح مصر سنة ۲۰ هـ كان أبو الدرداء من كبار القواد والصحابة الذين شاركوا في هذا الفتح.

 

 وكان من بين القواد الذين ذهبوا مع عمرو لفتح الاسكندرية قائدنا أبو الدرداء فقد جاء في كتاب ( فتوح مصر ) لابن عبد الحكم ، أن ابن العاص لما فتح الاسكندرية أقبل هو وعبادة بن الصامت حتى علوا الكوم الذي فيه مسجد عمرو بن العاص ( حدائق الشلالات الآن ) فقال معاوية بن حديج ( ننزل ، فنزل عمرو بن العاص القصر الذي صار لعبد الله بن سعد بن أبي سرج . ونزل أبو ذر الغفاری منزلا كان غربي المصلى اللي عند مسجد عمرو مما يلي البحر وقد انهدم ، ونزل معاوية ابن حديج فوق التل ، وضرب عبادة بن الصامت خباء فلم يزل فيه حتى خرج من الاسكندرية ويقال أن أبا الدرداء كان معه والله أعلم ..

 

 وبعد أن تم لعمرو بن العاص فتح الاسكندرية رجع إلى الفسطاط سنة ۲۱ م وكان معه أبو الدرداء فقد ورد اسمه بين اسماء الصحابة الذين وقفوا على إقامة قبلة الجامع العتيق بالفسطاط ، وفي ذلك يقول المقريزى  ، ووقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول صلی عليه وسلم ، فيهم الزبير بن العوام والمقداد وعبادة ابن الصامت وأبو الدرداء وفضالة بن عبيد وعقبة بن عامر رضی على عنهم جميعا

 

على أن أبا الدرداء لم يبق طويلا بمصر فقد عينه معاوية سنة ۲۳ هـ قاضيا لدمشق بأمر الخليفة عثمان بن عفان . ولم يقتصر عمل أبي الدرداء في دمشق على القضاء فحسب بل شارك كذلك في الأعمال الحربية ، فقد جاء في حوادث  سنة ۲۸ هـ ، أعد معاوية بن أبي سفيان حملة لفتح جزيرة قبرص ، وخرج معه في هذه الحملة عدد كبير من الصحابة أيوب الأنصاري ، وأبو الدرداء وأبو ذر الغفاري وعبادة بن الصامت ، وكان النصر فيها للمسلمين .

 

ويحدثنا جبیر بن نفير عن إنسانية أبي الدرداء إزاء آلام أسرى أهل قبرص فيقول : ولما فتحت قبرص فرق بين أهلها ، فبكى بعضهم إلى بعض ورأيت أبا الدرداء یبکی فقلت : يا أبا الدرداء مايبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ، فقال : ويحك يا جبير ، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره ، بينا أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك ، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى ..

 

 وكان أبو الدرداء حليما متسامحا ، روى أيوب عن أبي قلابة أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنبا ، وكانوا يسبونه ، فقال ، ارايتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه قالوا : بلى ، قال فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم ، قالوا : أفلا نبغضه ؟ قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تر که فهو أخي .

 

 وجاء في ترجمة أبي الدرداء لابن الأثير أن أبا الدرداء قيل توفي سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين بدمشق . ويضيف ابن الأثير فيقول : وقيل توفي بعد صفين سنة ثمان أو تسع وثلاثين ، وهو الأصح والأشهر والأكثر

 

 وروى صالح المري ، عن جعفر بن زید العبد ، أن أبا الدرداء لما نزل به الموت بکی فقالت له أم الدرداء : وانت تبکی یا صاحب رسول الله ؟ قال : نعم ، ومال لا

أبکی ولا أدري علام أهجم من ذنوبي .

 

وقال شميط بن عجلان ، لما نزل بأبي الدرداء الموت جزع جزعا شديدا ، فقالت له أم الدرداء ، ألم تك تخبرنا أنك تحب الموت ؟ قال : بلى وعزة ربي ، ولكن نفسي لما استيقنت الموت كرهته ، ثم بكى وقال : هذه آخر ساعاتی من الدنيا لقنونی لا إله إلا الله ، فلم يزل يرددها حتى مات

. وقيل دعا ابنه بلالا فقال : ويحك يا بلال ، اعمل للساعة ، اعمل لمثل مصرع أبيك ، واذكر به مصرعك وساعتك ، فقد كان ، ثم قبض .

 

 وجاء في ترجمة ابن الأثير : أن أبا الدرداء توفي قبل عثمان بسنتين ، وقيل توفي : ثلاث او اثنتين وثلاثين بدمشق . ويضيف ابن الأثير فيقول : والأصح والأشهر والأكثر عند أهل العلم أنه توفي في خلافة عثمان ، ولو بقي لكان ذكر بعد قتل عثمان ، ما في الاعتزال ، وما في مباشرة القتال ، ولم يسمع له بذكر فيهما البتة ، والله أعلم .

 

 وهكذا نرى أن سيدنا أبا الدرداء قد أقام فترة طويلة من حياته بدمشق وأنه مات ودفن بها . ويؤكد ذلك بالإضافة إلى الروايات السابقة ما قاله أبو " سهر : لا أعلم أحدا نزل دمشق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي الدرداء وبلال مؤذن الرسول وواثلة بن الأسقع ومعاوية ، ولو نزلها أحد سواهم لما سقط علينا.

 

نخلص مما تقدم أن أبا الدرداء قد عاش بدمشق فترة طويلة ، منذ وفد عليها معلما في الخامسة عشر أو السادسة عشرة للهجرة ، وبقى بها حتى وفاته لم يغادرها إلا مرتين مرتين للمشاركة بفتح مصر سنة ۲۰ هـ ، وحين خرج إلى قبرص سنة ۲۸ هـ

 

 








 

 

المصادر:


-        سعاد ماهر :مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية،  1971م

 

 

 الصور من موقع



pinterest.com

facebook.com

masrawy.com

 

شارك الموضوع
Comments
AdSpace768x90
AdSpace768x90
AdSpace768x90