السلطان محمد الثاني الفاتح
فترة الحكم الأول 1444م – 1446م
فترة الحكم الثاني 1451م – 1481م
نشأة السلطان محمد الفاتح
ولد السلطان محمد الفاتح في سرايا أدرنة الهمايوني في 19 رجب 835 هـ / 1232م، وكان أبوه السلطان العثماني مراد الثاني وأمه هما خاتون، وكانت تم تولية السلطان محمد الفاتح سنجق صارخان (مانسيا) ليتدرب عليه كحاكم عندما كان أمير ( وفقا للتقاليد العثمانية في تدريب الأمراء)، وقد اعتلى عرش السلطنة العثمانية للمرة الثانية بعد وفاة أبيه السلطان مراد الثاني عام 1451 م ، وكان عمره آنذاك 19 عاما وفي رواية 21 عاما.
بداية حكم الفاتح وثورات الأناضول
شهدت بداية حكم السلطان محمد الفاتح بعض الاضطرابات والتي كان سببها تشجيع الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الحادي عشر إمراء الأسرات في الأناضول على الخروج على السلطان الجديد مستغلا مرحلة الانتقال من سلطان إلى أخر ، فثارت إمارات قرمان ومنتشا وأيدين وكرميان، فتصدى السلطان محمد الفاتح بنفسه لهذه الثورات واسترد اقيشهر وبيشهز وسيديشهر ، ليعود بشكل مؤقت النظام والهدوء إلى أسيا الصغرى التي أصبحت جميعها تحت السيطرة العثمانية باستثناء جزء من إمارة كرمان ومدينة سينوب ومملكة طرابزون وأضحت الإمبراطورية البيزنطية قاصرة على القسطنطينية وضواحيها.
فتح القسطنطينية
كان أعظم أمل لمحمد الفاتح هو تحقيق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية (إسطنبول) وجعلها عاصمة لدولته الناشئة، ومن أجل ذلك عمل على السيطرة على مضيق البسفور لذلك بنى فى عام 856 هـ/ 1452 م قلعة روم إيلى حصار، والذي كان يعرف ببوغاز كمن حصار قبالة قلعة أناضولى حصار في القسم الأسيوي، وبذلك أصبح مضيق البسفور عثمانيا خالصا.
ويلاحظ أن هذه الأحداث جعلت إمبراطور القسطنطينية يشعر الخطر الشديد لذا طلب من أوروبا المساعدة فاشترطت عليه التحول للمذهب الكاثوليكي فاضطر الإمبراطور البيزنطي إلى القبول ولكن هذا التحالف سهل الفتح على العثمانيين حيث أن الشعب البيزنطي الأرثوذكسي كان يمكن أن يقبل العثمانيين المسلمين ولكن لا يتخيل نفسه تحت الحكم الكاثوليكى.
وفي عام 1453م خرجت المدافع من مدينة أدرنة ووصلت أمام أسوار إسطنبول حيث بدأ حصار المدينة 18 ربيع الاول 857 هـ / 1453 م ، ودام 53 يوما سجل التاريخ في هذه الأيام بطولات عسكرية عديدة للعثمانيين لعل أهمها أن البيزنطيين مدوا سلسلة حديدية بين جلطة و ساري بورنو لكن العثمانيين نقلوا السفن فوق الأرض وأنزلوها في مياه الخليج وكسروا هذه السلسلة الحديدية، وظل هذا الحصار حتى سقطت المدينة ودخل الجيش العثماني القسطنطينية إسطنبول في 12 جمادى الاول 857 هـ / 29 مارس 1453م، ولم يلحق السلطان محمد الفاتح أي أذى بالأهالي الذين كان ألتجأ أكثرهم إلى كنيسة أيا صوفيا.
أعمال الفاتح العسكرية بعد فتح القسطنطينية (الطريق إلى دولة عالمية) :
1- فتح اليونان والبلقان
حقق السلطان محمد الفاتح عدة نجاحات عسكرية من جهة البلقان و اليونان، حيث في حملة المورة الأولى 1458م دخل الفاتح مدينة أثينا ، وسمح لدوقها أن يأخذ كامل ثروته ويذهب إلى إيطاليا ، وبعد ذلك خضعت المورة كلها لحكمه، وفي عام 1459م أنهى الفاتح إمارة صربيا ، تأسيس وتم تأسيس إمارة سمندرة الذي تبدأ من السفوح الجنوبية لقلعة بالغراد ( عاصمه بلغاريا حاليا) والتي تشكل حدودها الشمالية.
2- فتح بلاد القرم
كانت شبه جزيرة القرم والأراضي الواقعة شمال البحر الأسود تخضع منذ أيام جنكيز خان لحكم المغول الذين اعتنقوا الإسلام، إلى أن ضعف هؤلاء الحكام فاستولي الجنوبيين على ثغور شبه جزيرة القرم آزوف وكفة ومنكب وغيرها، ونتيجة لكثره الصراعات الداخلية تدخل الجنوبيين فيها، والتمس أمراء القرم مساعدة السلطان محمد الفاتح الذي أرسل صدره الأعظم أحمد باشا على رأس أسطول مكون من 300 سفينة عام 880هـ / 1475م ، فاستولى الجيش العثماني على ميناء كفة و السوداك ومنكب وعدة مواني أخرى.
ويلاحظ أنه بهذا النصر قضى العثمانيون على الوجود الجنوي في القرم، ويعد فتح بلاد القرم أحد أهم انتصارات محمد الفاتح لما كان لهذه البلاد من وفرة الثروة والحصون المنيعة ومن ثم سميت القسطنطينية الصغرى.
أثر النجاحات الحربية للفاتح :
جلبت هذه الفتوحات العظيمة للسلطان محمد الفاتح تقدير الجميع ، ولكن هذا لم يمنع أوزون حسن ( حسن الطويل ) حاكم آق قويونلى (الخرفان البيض) من تحدى السلطان ، فأزال الفاتح هذه المشكلة في موقعة أوقلوق بلى عام 878هـ / 1473م ، فأصبحت حدود الدولة العثمانية تمتد حتى جبال طوروس، وكان قد ضم إلى إمبراطوريته أيضا سينوب ومملكة طرابزون في آسيا الصغرى.
وقد توفي السلطان محمد الفاتح عام 886 هـ / 1481م وهو في الواحد وخمسين من عمره، في خلال الثمانية وعشرين عام من حكمه تغلب على إمبراطوريتين و على 14 دولة وفتح 200 مدينة ووسع الدولة العثمانية حتى بلغت مساحتها 2214000 كم2، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف المساحة لتركيا الحالية.
صفات السلطان محمد الفاتح
كان السلطان محمد الفاتح نادر الضحك ، ذكائه يعمل بصورة مستمرة ، كريم جدا ، كلامه قطعي، بعيد عن اللهو والمجون، يتحمل الجوع والبرد والعطش، يتكلم التركية واليونانية والصربية بصورة جيدة ويجيد قراءة وفهم اللغات الأخرى، كان كثير القراءة محبا للتاريخ فقرأ في التاريخ الروماني، لهيرودوت وتاريخ الباباوات، وعن أباطرة وملوك فرنسا وألمانيا ، وكان عالما بالجغرافيا وفي بجميع الحكومات الأوروبية الموجودة.
المصادر:
- أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية ؛ ترجمة عدنان محمود سلمان ؛الجزء الأول ، مؤسسة فيصل للتمويل، تركيا ،استانبول 1988م
- أحمد أق كوندز وسعيد أوزتورك: الدولة العثمانية المجهولة 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية، وقف البحوث العثمانية، 2008م
- محمد سهيل طقوش: تاريخ العثمانين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة ، الطبعة الثالثة ، دار النفائس،بيروت 1434هـ/2013م
الصور من موقع:
Post a Comment