الدعوة الوهابية

)محاربة الدولة العثمانية لها وتأثيرها في العالم الإسلامي(

تعتبر الحركة الوهابية أول حركة إصلاحية سلفية في العصر الحديث، كما أنها أولى الحركات الإصلاحية التجديدية التي ظهرت في الدولة العثمانية، هذه الحركة التي سيكون لها أثرها الكبير على كثير من الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية:

ويعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1703-1791م) هو المؤسس لهذه الحركة، ولد محمد بن عبد الوهاب عام (1115ھ/ 1703م) ببلدة العينية إحدى قرى نجد، وقد حفظ القرآن في سن العاشرة، وتتلمذ على يدي والده الشيخ عبد الوهاب الذي كان قاضيًا للعينية، وعلى المذهب الإمام أحمد بن حنبل هذا المذهب الذي تأثر به كثيرا ابنه محمد كما تأثر كثيرا أيضا بكتب الشيخ ابن تيمية وتلميذه بن قيم الجوزية، وقد تنقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبابه بين عدد من المدن الإسلامية حيث زار مكة والبصرة والإحساء وبغداد وكردستان وبلاد فارس، ودرس فلسفة الإشراق والتصوف ثم انتهى به المطاف في حريملة حيث إقامة والده بعد تركه العينية.

الأسس التي قامت عليها دعوة محمد بن عبد الوهاب:

قامت دعوة محمد بن عبد الوهاب على عدد من النقاط المهمة:

1- الدعوة إلى توحيد الألوهية وإفراد الله بالعبادة.

2- منع التوسل لغير الله مع الإقرار بالتوسل المشروع.

3- منع بناء القباب على القبور والعكوف عليها ومنع بناء الأضرحة حتى لا تكون ذريعة إلى الشرك كما يرى ابن عبد الوهاب وأنصاره.

4- توحيد الله في أسمائه وصفاته.

5- محاربة البدع المستحدثة.

6- الدعوة إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد المذموم.

تحالف محمد بن عبد الوهاب مع أمير الدرعية:

ومن أجل نجاح دعوته اتصل محمد بن عبد الوهاب مع محمد بن سعود أمير الدرعية، وقاما معا بنشر الدعوة في جزيرة العرب باللسان عند من يقبلها، وبالعنف عند من لم يقبلها، وقد نجحت دعوة ابن عبد الوهاب شيئا فشيا ودخل الناس فيها أفواجا، ومن عارضها من أمراء أو شيوخ العرب أخضع بالقوة، وبعد موتهما تعاقد أبناء الأمير وأبناء الشيخ على أن يعملوا متآزرين لنصرة الدعوة، وظلوا يعملون إلى أن دخلوا مكة والمدينة.

وتتضح أهداف محمد بن عبد الوهاب من خلال ما قاله لوتسكي " كان محمد بن عبد الوهاب... يحلم أيضا بتحرير عرب سوريا والعراق من المير التركي.

ولم يعترف بخلافة السلطان التركي، وكان يعتبر كافة العرب إخوة ويدعوهم إلى الوحدة"، وقد أتت دعوة ابن عبد الوهاب ثمارها حيث تكونت الإمارة النجدية الموحدة والتي كانت أشلاء مبعثرة وضعيفة، ووحدت هذه الإمارة تحت حكمها كل شبه الجزيرة العربية تقريبا (نجد وشمر والجوف والحجاز والأحساء والكويت والبحرين وعمان وتهامة واليمن وعسير)، وتحول الوهابيون بعد ذلك إلى استكمال توحيد البلاد العربية.

سعي الدولة العثمانية لإنهاء هذه الحركة:

ويلاحظ أن الدولة العثمانية قد أدركت الخطورة التي تشكلها الدعوة الوهابية، حيث خافت أن تستقل عنها الحجاز، ومن ثم خروج مكة والمدينة عن سيطرتها فتفقد بذلك الدولة العثمانية زعامتها الدينية في العالم الإسلامي، ولهذا استعانت بمحمد علي الذي أرسل جيشه إلى الحجاز، وظل جيشه يقاوم الوهابيين إلى أن انتصر عليهم.

وعلى الجانب الاخر قامت الدولة العثمانية بحملات تشهيرية موسعة ضد الوهابيين، واتهمتهم بالكفر والخروج عن طاعة الخليفة، وساعد الإنجليز كذلك في هذا التشهير ضد الوهابيين، وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها في الهند، حيث أن بعض المسلمين هناك قد ساروا على منهج ابن عبد الوهاب، ومما ساعد أيضا في زيادة الغضب العام على الدعوة الوهابية هو اتباع الوهابيين لسياسة العنف في تنفيذ أغراضهم في البلاد التي دخلوها مما كان له أكبر الأثر على غضب العلماء على هذه الدعوة.

ولكن يلاحظ أن فشل الدعوة الوهابية كان ظاهريا فقط ومؤقتا، حيث إن السعوديين قد قاموا بتأسيس دولتهم من جديد، وقد عملوا على التوفيق بين مبادئ الوهابية وبين المدنية الحديثة، فعدلوا نظرتهم نحو البلدان الإسلامية واعتبروهم مسلمين، واستخدموا الراديو والتلغراف والتليفزيون وغير ذلك كما جمعوا بين التعليم المدني (المدارس والجامعات) والتعليم الديني.

أهم من تأثر بالدعوة الوهابية في العالم الإسلامي:

1- الشيخ جمال الدين القاسمي بالشام.

2- الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني من علماء اليمن المشهوين.

3- الشيخ محمد بن علي الشوكاني من كبار علماء اليمن. 4- الأستاذ محمد رشيد رضا (1282- 1354ھ/ 1865- 1935م).

5- الأستاذ محمد حامد الفقي من مصر، وغيرهم كثير.

المراجع:

1- عمر عبد العزيز عمر، في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، دار المعرفة الجامعية، 2007م.

2- علاء بكر، ملامح رئيسية للمنهج السلفي، راجعه/ ياسر برهامي، مكتبة فياض، المنصورة، 1342ھ/ 2011م.