مسجد وضريح سيدى جابر
كان لخروج الروم من الاسكندرية سنة 641 م أكبر الأثر في أن تفقد المدينة صبغتها الأجنبية وأن تخطو نحو التعريب بخطوات سريعة ، ذلك لأن كثيرا من مشاهير الصحابة وأعيان العرب كانوا يفدون عليها وینزلونها أما للاستقرار الدائم أو المؤقت .
موضوعات ذات صلة
فقد نزل فاتح مصر عمرو بن العاص قصرا في موضع مرتفع يوصف بالكوم أو التل ، كما نزل بدار مجاورة له معاوية بن حديج ، كذلك فعل معظم من حضر فتح الاسكندرية من العرب.
ولم يقتصر الأمر على النزول بالبيوت الموجودة بالمدينة بل رأي بعض الصحابة أن يختط له سکنا ، فقد اختط ابن الزبير بن العوام بالإسكندرية دارا كما أختط بالفسطاط ويقال أنه الوحيد الذي اختط بالاسكندرية .
ومن الطبيعي أن يؤسس العرب لهم مسجدا بعد أن فتحوا المدينة ونزلوا بيوتها فقد كان يوجد مصلى ، تقام فيها الصلوات الجامعة الكبرى في المواسم والأعياد ، كما تجتمع فيه الحامية للصلاة . وإلى جانب المصلى بني عمرو جامعا .
كذلك بني عمرو بن العاص بعد فتح الاسكندرية مباشرة مسجدا آخر عرف باسم مسجد الرحمة ويقال إنه بناه في المكان الذي رفع عمرو السيف عن قتل الروم بعد انتصاره عليهم ، وتخليدا لانتصار العرب .
ويذكر ابن عبد الحكم في كتابه فتوح مصر ، أنه كان بمدينة الاسكندرية في النصف الأول من القرن الأول الهجرى بالإضافة إلى مسجد عمرو ، خمسة مساجد أخرى ، أما عن أماكن هذه المساجد فلم تحدد بدقة حتى يمكن الاهتداء إليها الآن.
وإذا كان هذا هو عدد مساجد الاسكندرية في النصف الأول من القرن الأول للهجرة ، فمما لاشك فيه أنه قد بنى المسلمون الأوائل في النصف الثانی مساجد وأضرحة وزوايا أخرى عندما كثر عدد المسلمين بالاسكندرية اما عن طريق الهجرة إليها أو عن كثرة من أعتنق الإسلام من مسيحييها .
ومن مساجد الاسكندرية الهامة التي تنسب إلى من وفد من الصحابة إلى مصر مسجد سيدى جابر وضريحه به في المنطقة المعروفة باسمه بسيدى جابر
. ولكن لا يوجد لصاحب الضريح ترجمة في مرجع من المراجع . فكان من العسير التحقق من اسمه وهل كان هو ممن جاءوا إلى مصر من الصحابة ؟ وبالرجوع إلى كتاب السيوطي المعروف باسم ( دار الصحابة فيمن دخل مصر من الصحابة ) ، عثر في كتاب السيوطي على أربعة من الصحابة أتوا مصر يسمون باسم جابر.
ويقول أحمد زكي باشا أن سيدي جابر الدفين بالاسكندرية هو الرحالة ابن جيبر ، ويعلل تغير الاسم بأن العامة حرفت الاسم فقالوا جابر بدلا من جبير واستثقلوا الكنية فحذفوها على الاطلاق .
ويذكر الأستاذ منصور جاب الله رواية أقرب إلى المنطق والصواب ولكنها خالية من السند أو المرجع ، فهو يقول : أنه جابر بن اسحق بن ابراهيم بن أحمد ابن محمد الأنصاري ، ويكن أبا اسحق ويتصل نسبه من جهة أبيه بسعد بن عبادة سيد الخزرج ، ويؤخذ من سيرته أنه نشأ بالأندلس ثم نزح إلى فاس ببلاد المغرب ثم انتقل إلى طرابلس المغرب ومنها وفد إلى القاهرة فاستضافه رجل من بني عمومته كنيته أبو العباس ولا يعرف اسمه على وجه التحقيق .
وكان رجلا يسلك طريق المتصوفة فانضم إليه . ولما مات الشيخ أبو العباس انتقل أبو اسحق جابر إلى الإسكندرية وبنى له زاوية ظل مقيما بها حتى توفي سنة 697 هـ متجاوزا التسعين من عمره . وقد بقيت الزاوية على حالتها حتى بني على أنقاضها في نهاية القرن التاسع عشر مسجد أزيل سنة 1955 لیبنی مكانه المسجد الحالى .
وكان سيدي جابر شيخا ورعا صالحا کثیر الاتباع مهتما باللغة والنحو والصرف إلى جانب اهتمامه بشئون الدين ، خلف ثروة علمية ، منها ( إيجاد البرهان في اعجاز القرآن ) و ( كيفية السياحة في مجرى البلاغة والفصاحة ) ، و ( الاعراب في ضبط عوامل الاعراب ) .
ويتكون المسجد الحالي من مربع تقريبا يتوسطه صحن مغطى تحيط به الأروقة من جميع الجهات رواقان في جهة القبلة ورواق واحد في الجهات الثلاث الأخرى وتوجد فوق الرواق الشمالية طبقة ثانية تعرف باسم ( صدرة ) مخصصة لصلاة السيدات . وقد غطى صحن المسجد بسقف مرتفع عن باقی سقف المسجد وقد فتح في هذا الارتفاع نوافذ للإضاءة ، وللمسجد ثلاثة أبواب واحد في الجهة الجنوبية يؤدي إلى المسجد كما يؤدی إلى ضريح سيدى جابر ، والثانى في الجهة الشمالية . أما الثالث فيؤدي إلى زيادة ودورة المياه . وفي الجهة الجنوبية من المسجد يوجد الضريح وهو عبارة عن غرفة مربعة تعلوها رقبة مثمنة مقامة على مقرنصات ويعلو الرقبة قبة مدببة .
المصادر:
- سعاد ماهر :مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1971م
الصور من موقع
Post a Comment